بقلم: علي طه النوباني
السيد تيدروس أدهانوم
غيبريسوس مدير منظمة الصحة
العالمية:
في الوقت الذي تسيطر فيه جائحة فيروس كورونا على العالم.،
حذر الدكتور بيتر داسزاك، رئيس منظمة EcoHealth Alliance من وجود ما يقرب من مليون فيروس
غير معروف يمكن أن ينتشر ويصيب البشر. وعلقت منظمة الصحة العالمية بأن ذلك يتطلب من الناس الاحتياط
الشديد، وارتداء الكمامات والقفازات على الرغم من أن ذلك لا يكفي ولا يقي من
الإصابة تماما. وقامت محطات التلفزة التافهة بتغطية الخبر بسذاجتها المعهودة دون
أي تعليق سوى الحض على التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات والقفازات وبدلات
الفضاء البلاستيكية المملة.
وإنني أتوجه بالسؤال
إليكم كمنظمة الصحة العالمية وإلى الدكتور بيتر داسزاك:
هل تخلقت كل هذه الفيروسات في هذا العام بالذات، وهل ستنفلت علينا كلها دفعة واحدة
مثل عش الدبابير مطلقة العنان لآلاف الأمراض التي سوف تفتك بالناس هكذا بالجملة.
ألم تكن هذه الملايين من الفيروسات والكائنات الدقيقة
موجودة ومتعايشة مع أسلافنا، تهاجمهم تارة وتضعفهم، وتبتعد عنهم تارة أخرى
فينطلقون في هذا العالم للاستكشاف والبناء والحب والجمال والحياة بكل تنوعها
وثرائها وقدرتها التلقائية على خلق البدايات والنهايات، ومواجهة الأحلام المجنونة
للموتورين والمجانين.
والسؤال الأكثر مرارة: ما فائدة العيش مع الأخبار الدميمة
والمقرفة التي تطلقونها يوميا منبئة بالموت والدمار والمرض والخراب والتي ليس
لديكم من حلول لها سوى سيناريوهات مشبوهة مشبعة بالجشع والأنانية، هل تريدون من
الناس أن يموتوا خوفا قبل موعد موتهم؟ هل تريدون إشاعة الاكتئاب والشحوب فوق
عالمنا بعد كل الظلم الذي وقع على فقراء العالم وبؤسائه الذين اغتيلت أحلامهم وأمانيهم
بالجملة وعانوا ما عانوه بسبب الظلم واستقواء سفلة الأرض وقطاعي الطرق؟
لماذا تغضون الطرف عن كل ما يقال حول الإحصاءات غير الدقيقة
لوفيات كوفيد 19 رغم أن المتحدثين في غالبيتهم من ذوي الاختصاص والمعرفة في العلوم
ذات العلاقة. ولماذا لا تتحدثون عن الأضرار النفسية البالغة الأثر للإغلاق الذي
اقترحتموه على دول العالم والتي تفوق مخاطر الفيروس نفسه، ولماذا تسكتون عن
الفحوصات الوهمية التي تستخدم لتشخيص كورونا، ولماذا يتم شطب كل ما يخالف وجهة
نظركم على صفحات الإعلام.
لقد آمنت بالعلم طويلاً، ودعوت للإيمان به؛ ولكن أجدني اليوم
أراجع نفسي كثيرا حيث أن الوقائع تشير بقوة إلى أن كثيرا من العلماء ضالعون في
مؤامرة قذرة تهدف إلى إشاعة الاكتئاب والخوف وتحطيم الناس من الداخل، وقطع سلسلة
التواصل الاجتماعي التي كانت على الدوام مصنع الإبداع والجمال عبر التاريخ
الإنساني.
تشير الوقائع الآن أيضا إلى أن منهجكم هذا أشد خطورة
علينا من الفيروسات والأمراض نفسها، لقد حولتم الحياة إلى جحيم، وأصبحت وجوهكم الجافة
البليدة رمزا للعقم والموت والخوف والدمار والشؤم والاكتئاب، ولم يبق لدي من خيار
سوى أن أجزم بأنكم تتآمرون على حقوقنا الإنسانية الثابتة غير القابلة للتفاوض تحت
التهديد بالمرض والموت، مؤكدا لكم بأن الموت أرحم بكثير مما تدعوننا إليه من
استكانة لتجاربكم التي تحاول إعادة صياغة الحياة بصورة مقرفة ودميمة؛ ففي ظل منهجكم التخويفي الإرهابي الخارج على المنطق
وعلى قيم الإنسانية والخير استطاعت مؤسسة الدولة في عالم اليوم التنصل من كل
مواثيق وعهود حقوق الإنسان والخروج على أبسط القواعد الإنسانية. وإنني لا أكتب هذا
الكلام لكي أعيدكم إلى ضمائركم، فأنا أعرف أنكم فقدتموها قبل أن تبدأوا هذه الرواية
المملة والفاشلة، وإنما لأقول لكم بأن أقنعتكم الزائفة مكشوفة وسخيفة ولا تنطلي
على إلا على غبي أخرق.
أما عن الموت الذي تحاولون
تخويفنا منه وتحويله إلى بعبع مرعب، فأود أن أؤكد لكم بأنه لا يصلح كأداة للمساومة؛
إنه صديقنا القديم الذي عايشناه آلاف السنين، وكل أحبابنا الذين رحلوا ينتظروننا
هناك في ربوعه الواسعة، بل إن ذرات أجسامنا تحن إلى العودة إلى أمنا الحبيبة الأرض
التي تحرضنا يوميا على التخلص من أبنائها الفجار من أمثالكم الذين يعادون الحياة،
ويصنعون اليأس والإحباط على وجوه أطفالنا بدلا من بث الأمل والمحبة، فإذا لم تتحقق
لنا الحياة كما نريد مع حقوقنا الكاملة كبشر؛ فليكن الموت أداتنا نحن من أجل
الحياة.
لقد مر على عالمنا
الكثيرون من أمثالكم ممن ظنوا أنهم قادرون على رسم مسارهم الخاص للتاريخ، وتشكيله
كما تريد أحلامهم التافهة، ولكن الروح الجماعية الخفية للبشر، والضمير الجمعي
للإنسانية سيلفظكم إلى زاوية مظلمة من التاريخ الإنساني وتعود الحياة خالية من
مآربكم المغرضة والمعادية للحياة والناس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق