قصة قصيرة بقلم: علي طه النوباني
كان الأستاذ موسى مربوع القامة، أسمر ذا وجه
واسع يميل إلى المربع أكثر من الدائرة أو الشكل البيضوي، يرتدي نظارات ذات إطار
بلاستيكي أسود، وكان جاداً للغاية حتى أني لا أذكر أبداً أنه ابتسم على الرغم من
أنه كان معلمَ صفي لكل المواد في الصفين الأول والثاني الابتدائي.
كنت الوحيد الذي يمشي على عكازين في صفي، بل في
المدرسة كلها. وأذكر مرة أن الأستاذ موسى قال للطلاب: غذاً لدينا حصة نشاط، سوف
نذهب إلى عيادة البيطرة سيراً على الأقدام، فتقافز الطلاب فرحا. وشغل ذهني في تلك
اللحظة بالتفكير في معنى الكلمة: ب ي ط ر ة ، هكذا هجأتها علّي أصل إلى معناها.
في اليوم التالي دخل الأستاذ موسى إلى الصف،
فاستقبله الطلاب بفرح وصخب. وأخذ يتلو عليهم التعليمات: امشوا على الرصيف، احذروا
السيارات، كونوا مؤدبين... وبدأ الطلاب بالخروج.
بقيت جالساً في مقعدي إلى أن خرج آخر طالب، ثم خرجت
إلى ساحة المدرسة، ووقفت عند الباب، في ذلك اليوم لم أفكر بمعنى كلمة بيطرة، وانصب
ذهني على التساؤل عن المسافة بينها وبين المدرسة. سافرت بعد ذلك في الطائرة إلى
مدن بعيدة، لكن البيطرة بقيت بالنسبة لي أبعد بكثير من كل تلك المدن!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق