قصة بقلم : علي طه النوباني
قال الطبيب: لا نستطيع بالإمكانات البسيطة
المتوفرة لدينا أن نستخرج هذه السماعة الصغيرة من أذنه، لقد دخلت عميقاً ونحتاج
إلى تحويلهِ إلى أحد المستشفيات الكبيرة.
وقف والد عامر بالقرب منه، وكان الطبيب يملأ
النموذج المخصص للتحويل، تساءل أبو عامر: ماذا سيقول للناس فيما لو تسرب خبر
استخراج السماعة من أذن ابنه؟ وماذا سيقول
لزملائه من القادة التربويين ومربي الأجيال، لماذا وضع ابنه هذا الجهاز الصغير في
أذنه، وفي موسم امتحانات الثانوية بالذات.
كان جدالاً صعباً دار بين أبي عامر وابنه،
فاز فيه الابن بجداره عندما برَّر لأبيه لجوءه إلى هذه التكنولوجيا للغش بأن
أغلبية الطلاب تقريباً يستعملونها.
نهض الأب عن سجادة الصلاة وهو يسلم يميناً
ويساراً وقال لابنه: "خلص، موافق"، كم تكلف لأعطيك المبلغ؟
شرح عامر الأمر بالتفصيل وأن هنالك أكثر من
طرف يعرض كل منهم سعراً وأنه سيختار الأنسب والأكثر صدقاً وأمانة لكي يحصل على
أفضل النتائج.
وهنا قطع الطبيب على أبي عامر ذهوله مناولاً
إياه ورقة التحويل وهو يقول: بالسلامة.
خرج أبو عامر مع ابنه من المستشفى متجهاً إلى
السيارة وإلى جانبه عامر، وقد بدت على وجهه علامات القلق والخوف: هل تدخل هذه
السماعة اللعينة إلى دماغي، وماذا سيستعمل الطبيب من أدوات ليخرجها، وتخيل الطبيب
وهو يُدخل ملقطاً حاداً في أذنه .. لكن والده فاجأه بسؤال صعب: (معقول بيعرفوا
يطلعوها؟)
هاه، لن تبقى على أي حال في رأسي إلى الأبد
حتى لو تخلصت من رأسي .. لا بد أنهم سيجدون طريقة لإخراجها.
في المستشفى الكبير الذي تم تحويل عامر إليه
لم يسمحوا للأب بأن يدخل إلى غرفة العمليات
مع ابنه ، وبعد انتظار صعب امتد لساعة تقريباً خرج الطبيب ماشياً باتجاه أبي
عامر وأعطاه سماعة صغيرة بحجم حبة العدس، وقال له: هل تعتقد بأنه كان من الممكن لي
أن أنجح في استخراج هذا الشيء من أذن ابنك لو كنتُ وضعت سماعة مثلها في أذني قبل
خمسة عشر عاماً؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق