الاثنين، 24 نوفمبر 2014

رفقا بالطفولة يا وزارة التربية

بقلم: علي طه النوباني
اتصل بي مدير المدرسة قائلا أنه ملَّ من تصرفات ابني البالغ من العمر اثني عشر عاما، فذهبت فورا إلى المدرسة لأعرف ما القصة. ولدى وصولي إلى المدرسة، وجدت ابني عند الباب، فسألته عما حدث، فقال لي: دخل معلم الاجتماعيات إلى الصف وطلب منا أن نخرج ورقة للامتحان، فقلت له: لم تخبرنا أن هنالك امتحان، فأخذ يصفعني على وجهي من اليمين واليسار وطردني من الصف وركلني بقدمه على ظهري.
وبينما كان ابني يروي لي ما حدث مرَّ أحد المعلمين، ووقف يحادثني قائلاً: إذا ضربك ابنك أثناء ضربك له، ماذا تفعل؟ قلت له : سأقدر أن ذلك تصرف من النخاع الشوكي وليس من العقل، فلكل فعل رد فعل، وسلوك الضرب أصلا مرفوض من كلا الطرفين ، فنظر إلي الأستاذ من أعلى إلى أسفل مستنكراً علي إنكار حق المعلم في الضرب.
وعندما ذهبت إلى غرفة المدير، أبلغني بأن ابني أساء الأدب وارتكب جريمة سؤال الأستاذ عن طبيعة الامتحان وهل هو فجائي أم شهري، لكن المدير لم يبلغني أبدا أن الأستاذ انهال على الطفل صفعا على وجهه وركلاً برجله.
واجتمع حولي عدد من المعلمين، كان الحديث ينضوي على دلالة عميقة مفادها أن التعليم لا يستقيم أبدا إلا بالضرب، وأنه لا بد للمعلم من سلاح يشهره في وجه هذا العدد المتزايد من الأطفال. قلت للمدير: أليس من طريقة أخرى لاحتواء الطاقة الزائدة عند الأطفال سوى الضرب، فالضرب للحيوانات وليس للبشر، قال مستهزأً، لا، ولا حتى الحيوانات فهنالك من يحرم ضرب الحيوانات.
تذكرت ابنى وهو يسألني عن مغزى حصة الفن على طريقة مدرسته: قال لي : يدخل معلم الفن إلى الحصة، ويعين أحد الطلاب عريفا يكتب أسماء المشاغبين على اللوح، بينما يجلس المعلم وراء الطاولة ويستخرج من جيبه الهاتف ليتصفح الفيسبوك والواتس أب، وعندما يشارف وقت الحصة على الانتهاء يوبخ الطلاب الذين كتب اسمهم على اللوح. ألهذا ترسلوننا إلى المدرسة، وهل هذا هو الفن؟!
بعد عودتي من المدرسة محتارا، أصبح سهلاً على مدير المدرسة ومجلس الضبط أن يجد أول فرصة للتخلص من ابني ونقله نقلا تأديبيا إلى مدرسة أخرى في أول مشاجرة بينه وبين طالب آخر، دون أن يتبين أية تفاصيل ودون أن يكون هنالك طرف مشتكي.
البشر دون الثامنة عشر في كل العالم أطفال يحتاجون إلى الرعاية والتفهم والتواصل الإنساني الإيجابي لبناء شخصيتهم وتعديل سلوكاتهم السلبية إلا في بلادنا : يكبرون قبل أوانهم، ونحاسبهم على أخطائنا، ونحولهم إلى منحرفين وهم أبرياء.
رفقا بالطفولة يا وزارة التربية.


اقرأ أيضاً على حبيبتنا

أنشودة العرب، شعر: علي طه النوباني  

بنما دولة بعيدة... ومُشوِّقة جدا  

الأزمة الاقتصادية، ومصالح الطبقات  

قراءة في رواية دموع فينيس لعلي طه النوباني  

عَهْدُ فلسطين - عهد التميمي  

كذبة نيسان  

الشوكُ جميلٌ أيضا  

«مدينة الثقافة الأردنية».. مراجعة التجربة لتعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات  

المشنقة  

البيطرة  

قصة نظرة  

عملية صغرى  

سيجارة على الرصيف  

بالشوكة والسكين والقلم  

نهاية التاريخ؟ مقالة فرانسيس فوكوياما  

الدولة العربية الإسلامية / الدولة والدين/ بحث في التاريخ والمفاهيم  

شهامة فارس  

جذورالحَنَق الإسلامي برنارد لويس  

صِدام الجهل : مقالة إدوارد سعيد  

صدام الحضارات؟ صموئيل هنتنغتون 

الفضائيات والشعر  

كأسٌ آخرُ من بيروت 

عمّان في الرواية العربية في الأردن": جهد أكاديمي ثري يثير تساؤلات 

تشكّل الذوات المستلبة  

مشهد القصة بين الريف والمدينة  

وحدة الوجدان والضمير  

«المنجل والمذراة».. استبطان الداخل  

دور المثقف والخطاب العام  

جرش: حديث الجبال والكروم  

في شرفة المعنى 

المثاقفة والمنهج في النقد الأدبي لإبراهيم خليل دعوة للمراجعة وتصحيح المسيرة  

!!صديق صهيوني  

عنترُ ودائرةُ النحس  

فجر المدينة  

مقامة الأعراب في زمن الخراب  

دورة تشرين 

الغرفُ العليا  

الصيف الأصفر  

حب الحياة: جاك لندن 

قصة ساعة كيت تشوبن 

قل نعم، قصة : توبايس وولف 

معزوفة الورد والكستناء  

منظومة القيم في مسلسل "شيخ العرب همام"  

ملامح الرؤية بين الواقعية النقدية والتأمّل  

الرؤية الفكرية في مسلسل «التغريبة الفلسطينية»  

"أساليب الشعريّة المعاصرة" لصلاح فضل - مثاقفة معقولة  

كهرباء في جسد الغابة  

جامعو الدوائر الصفراء  

صَبيَّةٌ من جدارا اسمُها حوران  

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق