شعر: علي طه النوباني
نَزَفَتْ بُروقي في زمانٍ أسودِ
وَجَلَسْتُ
أكتبُ في الصَّحيفةِ مَوعِدي
لا غيمَ في الصَّحراءِ تقصِدُ ظِلَّهُ
لا
عشبَ في طاغوتها المُتَجَرِّدِ
قدْ غادرَ الصبرُ الدِّيارَ تَضَجُّراً
بعدَ
انتظارٍ رامَ أوبةَ مُنْجِدِ
ما خطبُ أولادِ الحرامِ يَروقُهم
صوتُ
الجِياعِ وَرَجْفَةُ المُتَجَمِّدِ
فتزيني بالبؤسِ يا بنةَ يَعْرُبٍ
وتَنَقَّلي
مِن نكسة لتشردِ
وَتَحَمَّلي شَظَفَ الحَياةِ لأجلهم
وتراقصي
وتمايلي وتَودَّدي
وإذا بَراكِ الجوع عُمْرَكِ كُلَّهُ
فَتَرفَّعي
عن لومِهم وَتَجلَّدي
وإذا أتاكِ البردُ يقطِفُ حِصَّةً
فاسْتَسْلِمي
وَعَليكِ أن تَتَعوَّدي
قدْ يَجْمَعُ الأوباشُ مِنْكِ رَفاهَهُمْ
وَيُحَرِّقونَكِ
باللِّسانِ وباليدِ
تبّاً لِخَوْلَة نَرْتَجي أطلالها
في
الرملِ سابحةً ببرقة ثهمد
لمْ تكْتَحِلْ مِن عُمرها يَوْماً سِوى
بالظلمِ
والغُصّاتِ والحَظّ الرَّدي
حتى إذا خَرَجَتْ تُميطُ لثامَها
جاعَ
الكريمُ وَضَلَّ منّا المُهْتَدي
وَتحَوَّلَتْ أيامُنا عَبَثاً فَلا
رَجَعَ
الصَّباحُ ولا أَضاءَ عَلى الغَدِ
وَتَبدَّلَتْ أحلامُنا غُبْناً فَما
يَدري
المَساءُ بِلَوْعَةِ الصُّبْحِ النَّدي
ما بيْنَ أولاد الحرام مُخالِفٌ
يَروي
الشِّكاية مِن ضَميرٍ راشِدِ
فتزيَّني بالبؤس يا بنة يَعْرُبٍ
وتراقصي
وتمايلي وتجرَّدي
فإذا صَحَوْتِ عَلى الرَّبيعِ هُنَيْهَة
هَطَلَ
الوُحوشُ كَمِثْلِ سَيْلٍ جارِد
الـرَّملُ فاجعةُ الرحيلِ ونارُه
والشوكُ
ناصِيةُ الأذى المُتَجَدِّدِ
والدَّرْبُ إنْ كانتْ تَقودُ إلى نَوىً
فَلْتَشْتَعِلْ
حتّى نَذوبَ بِسَرْمَد
فتزيني بالبؤس يا ابنة يعرب
وتمايلي
وتراقصي وَتَبَلَّدي
البابُ قَبْلَ الدارِ قبلة هارب
والماءُ
قُرْبَ النار صَفْعَةُ عائدِ
ما كان من عمر الزمان زماننا
لكنَّ
ساعتنا تَروحُ وَتَغْتَدي
فتزيني بالبؤس يا ابنة يعرب
وتمايلي
وتراقصي وتبلدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق