الاثنين، 14 نوفمبر 2022

رسالة إلى علاء الدين


 بقلم: علي طه النوباني

في ورشة لمراجعة وإنعاش لغة الإشارة لدى الصم والبكم؛ أردت أن أبدأ بتمرين للتعارف وكسر الجليد بين المشاركين.

قلت لهم: تخيل أنك ذهبت إلى محل يبيع التحف والأدوات القديمة، واشتريت مجموعة من الأشياء منها مصباح زيت قديم. وعندما عدت إلى البيت تأملت مشترياتك حتى وصلت إلى المصباح، وسرعان ما خرج منه عفريت ضخم قائلا: "شبيك لبيك، عبدك بين إديك، اختر أمنية واحدة، وسوف أحققها لك مهما كانت صعبة". فما هي الأمنية التي تختارها؟

بدأ المشاركون يتحدثون:

فتاتان من المشاركين تمنيتا أن يصبحن معلمات!

خمسة من المشاركين والمشاركات تمنوا أن يسافروا للسعودية لأداء العمرة!

ثلاثة مشاركين تمنوا أن يحصلوا على عمل يكفي لإعالة أسرهم!

واحد من المشاركين قال: لا أريد شيئا، وكأنه يقول:

                         "يكفيك أنك لم تزل حيا    ولست من الأحبة معدما"

إحدى المشاركات قالت إنها ستطلب جهاز تابلت لكي تتعلم عليه لغة الإشارة، وقالت إنها حاولت جمع ثمنه أكثر من مرة؛ ولكنها لم تستطع إلى ذلك سبيلا.

إحدى المشاركات قالت: "سأطلب سماعة طبية لي، ونظارة طبية لزوجي، فأنا بالكاد أسمعه، وهو بالكاد يراني! بل إن أطفالي ينادون عليَّ ولا أسمعهم، ولدينا تقارير طبية وقياسات منذ عام، ولكن العين بصيرة، واليد قصيرة!"

فتشجع طفل من ذوي الإعاقة الحركية يختلس السمع للورشة ووقف مشيرا بيده: "أريد أن أسافر في الطائرة"، فقلت له: إلى أين؟ فقال: "لا أعرف، إلى أي مكان! المهم أن أركب في الطائرة"، وحرَّك يده مثلما تقلع الطائرة.

وحيث أنَّ شبكة الانترنت كبيرة جدا، ولا بد أن علاء الدين يتابع دائما؛ ويبحث عن اسمه على محركات البحث، وحيث أني غلبان مثل كل المشاركين، ولا أملك أن أحقق بعض أمانيهم؛ فقد قررت أن أكتب هذه الرسالة إلى علاء الدين وأميرته ومارده الطيب، لعله يقرأها، ويعرف أنَّ هنالك بشرا أكثر رفقا بعفريته الذي سيهرب من أماني الجشعين المتوحشين الذين لا يملأ بطونهم سوى التراب.

تعال يا علاء الدين وأحضر معك مصباحك السحري، فكل أمنيات أصدقائي هنا لا تعادل قصرا أو سيارة فارهة تمنحها لشخص عابث، فيملُّ منها في يوم أو يومين!

حين تحقق لزينب رغبتها؛ وتجعلها معلمة، فإنك ستـشعر بالسعادة عندما تراها وهي تعطي بلا حدود.

وعندما تسمع فاطمة صوت أطفالها، سيرحل صوتك نحو الخلود.

وأنا أيضا سأطرح أمنية على عفريتك الطيب، أمنية واحدة لا غير، وأخشى أن أقع في تهمة الجشع، فهل يستطيع عفريتك أن يعيد الضمير إلى النُّخب في بلادي، ليعرفوا أنَّ فردة كوتشوك في سياراتهم الفخمة قد تركب عشرين سماعة طبية، وعشرين نظارة طبية لحسن وفاطمة وزيد، وليعرفوا أن هذه الأشياء يجب أن تبقى خارج دائرة التجارة والربح والخسارة، وهم أكثر الناس حديثا عن الربح في الآخرة؛ لا في الدنيا!

تعال يا علاء الدين، فالأماني هنا أسهل، وعفريتك سوف يرتاح من عناء بناء القصور، وشراء الجزر البعيدة والسيارات الفارهة، وتطويل الأعمار، ونفخ الشفاه والأرداف، وقلق المزادات الباهظة، والسباقات التافهة!

ليتك تبحث يا علاء الدين على محركات البحث، وليت عفريتك يستطيع!

ملاحظة: هكذا عرض المشاركون أمنياتهم، دون تصرف في المعنى، فحولتها إلى الفصيحة، وها أنا أحاول توصيلها إلى علاء الدين.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق