الثلاثاء، 22 ديسمبر 2020

الشركة عندما تصبح وحشًا، قصة كاري موليس


 

 

 

بقلم: علي طه النوباني

عندما استقال كاري موليس من (سيتس) الشركة الأمريكية التي كان يعمل فيها، منحته الشركة مبلغ عشرة آلاف دولار كتعويض عن احتفاظها بحقوق اختراعه اختبار PCR .  وبعد سنوات قليلة باعت شركة سيتس حقوق اختراع PCR ب 300 مليون دولار، بينما أصيب كاري موليس بالإحباط وذهب إلى رياضة ركوب الأمواج تاركا العلم لمنطق الشركات الجشع إلى أن تلقى جائزة نوبل في الكيمياء عام 1993وعمره سبعة وأربعون عاما تقريبا.

هذا ما يؤكده موقع مجلة كاليفورنيا California Magazine (1).

لم يُصب أي من المسؤلين في شركة سيتس بتأنيب الضمير ، وأحس موليس بضغينة أبدية، وشعر بأنه تعرض للنهب من قبل الشركة كما ذكر موقع مجلة كاليفورنيا.

ليس هذا منطق شركة سيتس وحدها، إنه منطق الرأسمالية والشركات عموما،  فهي تستعبد الناس وتسطو على كل ما تطاله من مقدراتهم العقلية والفكرية دون أي مراجعة أخلاقية أو حساب للحق والباطل.

إنها فعلة شنيعة من شركة تمثل بشكل نموذجي كل مثيلاتها في عالم اليوم من وحوش تأكل لحوم البشر صنعتها الرأسمالية المتوحشة لتتآمر على الحياة وتأكل أحلام الناس وأمانيهم وماضيهم قبل غدهم.

آلاف الكتاب يتفذلكون بالحديث عن تفسيرهم السطحي لتبني عدد كبير من الناس لنظرية المؤامرة، فهم يرون بأن عقول الناس الصغيرة لا تستوعب تفسيرات العلم المعقدة فيلجؤون إلى تفسيرات ساذجة غير قائمة على حجة أو دليل. متناسين السبب الحقيقي الذي يقف وراء ذلك؛ إنه انعدام الثقة بمنطق الشركة التي تفعل كل شيء ممكن من أجل المال دون أي وازع أخلاقي.

هل تتخيل أن يحدث لك ما حدث لموليس، تخترع اختراعا مهما للغاية يقسم علم الأحياء عهدين: ما قبل بي سي آر وما بعده، ثم تستولي على اختراعك الشركة التي تعمل فيه وتعطيك عشرة آلاف دولار ثم تبيع اختراعك ب 300 مليون دولار.

هل ستثق بشركة بعد ذلك؟

هل ستثق بدولة تشبه الشركة بعد ذلك؟

هل ستثق بنظام يطلق الحرية المطلقة للشركات وفسادها ورشاها وشرائها للذمم؟

مات كاري موليس في أواخر عام 2019 بالتهاب رئوي، وانشغل العالم بعدة بفيروس كوفيد 19 والذي أبرز أعراضه الالتهاب الرئوي، وبدأت العديد من الشركات العملاقة تجمع ثروات طائلة أيضا من PCR، وبدأ وجه جديد لعالمنا بالظهور، ربما يكون أكثر وحشية من الشركة بشكلها التنافسي القديم.

1-   راجع موقع مجلة كاليفورنيا على الرابط التالي:

https://alumni.berkeley.edu/california-magazine/winter-2019/intolerable-genius-berkeleys-most-controversial-nobel-laureate

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق