كتب: علي طه النوباني
تم الاستعانة بحلقة المخبر الاقتصادي كمصدر للمعلومات(https://www.youtube.com/watch?v=0dovfAo9oag)
في بلدة صغيرة جنوب هولندا تُدعى "فونز بارك"، تُعرف
هذه البلدة بين الهولنديين بأنها مقر لمستودع "ال سي دبليو" التابع
للقوات الجوية الملكية الهولندية، والذي يُعتبر المستودع المركزي في أوروبا لقطع
غيار المقاتلات الأمريكية الشبحية "F-35". يتم شحن قطع الغيار من هذا المستودع لحلفاء الولايات المتحدة الذين يستخدمون
هذه الطائرة، بما في ذلك إسرائيل. يُعتبر أسطول طائرات "F-35" العمود الفقري للقوات الجوية
الإسرائيلية، والتي استخدمتها بشكل كثيف في قصف قطاع غزة خلال العدوان الحالي.
في ديسمبر 2023، رفعت بعض المنظمات الحقوقية دعوى قضائية ضد
الحكومة الهولندية بهدف وقف تصدير قطع غيار "F-35" للجيش الإسرائيلي. رفضت محكمة لاهاي
هذا الطلب، ولكن المنظمات الحقوقية لم تتراجع وقررت اللجوء إلى محكمة الاستئناف في
لاهاي. وفي تطور مفاجئ، أصدرت محكمة الاستئناف في لاهاي قرارها في 12 فبراير 2024،
وأمرت الحكومة الهولندية بوقف تصدير قطع الغيار إلى إسرائيل خلال سبعة أيام فقط.
وفي تعليق على القرار، أعلنت الحكومة الهولندية في اليوم نفسه
أنها ستستأنف الحكم أمام المحكمة العليا، وهو أمر كان متوقعًا، خاصةً وأن رئيس
الوزراء الهولندي كان موجودًا في القدس المحتلة في اليوم الذي صدر فيه قرار محكمة
الاستئناف. والجدير بالذكر أن هذه كانت الزيارة الثالثة لرئيس الوزراء الهولندي
مارك روتا إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر.
يُعتبر رئيس الوزراء الهولندي مارك روتا أكثر زعيم في العالم
اجتمع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال العدوان الإسرائيلي الحالي
على قطاع غزة. وخلال هذه الاجتماعات، كان يُعبر بوضوح عن دعمه للاحتلال
الإسرائيلي. وفي الواقع، فإن أي شخص على دراية بتاريخ العلاقات الهولندية
الإسرائيلية ومواقف هولندا من القضية الفلسطينية لن يتفاجأ أبداً من سلوك الحكومة
الهولندية الحالي. على العكس، فإن هولندا تتنافس مع ألمانيا على لقب الدولة
الأوروبية الأكثر دعماً للاحتلال الإسرائيلي.
ولكن ما هي قصة هولندا مع الاحتلال الإسرائيلي؟ وما هو سر الدعم
المستمر من الحكومات الهولندية المتعاقبة لإسرائيل؟ وكيف كانت هولندا صديقاً وفياً
للإسرائيليين، وقدمت لهم المساعدة في العديد من المواقف الصعبة؟
بعد دقائق من إعلان الاحتلال الإسرائيلي قيام دولته في فلسطين
المحتلة في 14 مايو 1948، اعترف الرئيس الأمريكي حينها هاري ترومان بهذه الدولة،
لتصبح الولايات المتحدة أول دولة في العالم تعترف بها. وعلى عكس الولايات المتحدة
التي كانت متحمسة جداً لدعم الكيان الصهيوني، كانت العديد من الدول حول العالم،
خاصة في أوروبا، أقل حماساً للاعتراف بدولة الاحتلال. كانت لهذه الدول حسابات خاصة
ومصالح تسعى للحفاظ عليها، ومن بين هذه الدول هولندا.
اتخذ الهولنديون في بداية الصراع العربي الإسرائيلي موقفاً
محايداً إلى حد كبير، وهو ما انعكس على موقفهم من الاعتراف بدولة الاحتلال عندما
تم إعلان قيامها. في ذلك الوقت، كانت هولندا تحتل منطقة الهند الشرقية (إندونيسيا
حالياً) في شرق آسيا، وكانت تخوض صراعاً مسلحاً مع الشعب الإندونيسي الذي كان يسعى
لطرد الاحتلال الهولندي والحصول على الاستقلال.
خشي الهولنديون من أنَّ اعترافهم بالدولة التي أسستها العصابات
الصهيونية في فلسطين قد يُثير مشاعر الشعب الإندونيسي، الذي كانت أغلبيته الساحقة
من المسلمين، ويحفزه على مواصلة الكفاح ضد الهولنديين الذين كانوا يحاولون بشدة
الحفاظ على سيطرتهم على إندونيسيا. لهذا السبب، تأخر الاعتراف الهولندي بدولة
الاحتلال، لكن هذا التأخير لم يدم طويلاً، حيث نجح الإندونيسيون في أواخر عام 1949
في هزيمة الهولنديين وانتزاع الاعتراف باستقلال إندونيسيا.
عندما فقد الهولنديون سيطرتهم على إندونيسيا وطُردوا منها، لم
يعد هناك ما يمنعهم من الاعتراف بالدولة الصهيونية الوليدة، وبالفعل اعترفوا بها
رسمياً في يناير 1950. منذ ذلك الحين وحتى اليوم، تواصل هولندا دعمها القوي
للاحتلال الإسرائيلي، حتى أصبحت تُعتبر واحدة من أكثر الدول وفاءً للإسرائيليين.
تطورت العلاقات الهولندية الإسرائيلية في بدايتها بفضل الصداقة
الوثيقة التي جمعت بين رئيس الوزراء الهولندي وليم دريس وأول رئيس وزراء للاحتلال،
ديفيد بن غوريون. وفقاً للصحفي الهولندي فرانس بيترز، توصّل الرجلان إلى اتفاق
شفهي غير مكتوب يضمن دعم هولندي غير مشروط لإسرائيل في الأوقات الصعبة وأوقات
الاضطرابات.
أول دليل على هذا الدعم الهولندي غير المشروط لإسرائيل ظهر في
أكتوبر 1956، مع اندلاع العدوان الثلاثي على مصر. دعمت الحكومة الهولندية آنذاك
هجوم الجيش الإسرائيلي على شبه جزيرة سيناء المصرية، واعتبرت أن الهجوم مُبرر بسبب
التهديد الكبير الذي تشكله الدول العربية، وبخاصة مصر، على إسرائيل. وقد أيد
البرلمان الهولندي بالكامل تقريباً موقف الحكومة الهولندية من الاحتلال الإسرائيلي
والعدوان الثلاثي. لم يقتصر الدعم على الجانب السياسي فقط، بل شمل أيضاً توريد
الأسلحة سراً لإسرائيل.
لكن الدعم الهولندي لإسرائيل في عام 1956 يبدو ضئيلاً مقارنةً
بما قدمته هولندا في عام 1967، عندما قام جيش الاحتلال الإسرائيلي باحتلال سيناء، وقطاع
غزة، والضفة الغربية، والجولان. مرة أخرى، وقفت هولندا بكل قوتها إلى جانب
إسرائيل، ودعمتها في عدوانها على الأراضي العربية.
كان الدعم الهولندي لإسرائيل خلال حرب 1967 واسع النطاق
وشاملاً: الشعب الهولندي، الحكومة، البرلمان، وحتى الملكة، كلهم كانوا داعمين
لإسرائيل. خرج آلاف الهولنديين في مسيرات داعمة لإسرائيل، وشاركوا في حملات للتبرع
بالمال والدم لصالح الكيان الصهيوني. في غضون أسابيع، جمع الهولنديون 18 مليون
جلدر و9000 وحدة دم لصالح جرحى جيش الاحتلال. خلال الحرب، كانت طائرات شركة
"العال" الإسرائيلية تقوم بثلاث رحلات يومياً لنقل المستلزمات الطبية،
ووحدات البلازما، وأجهزة نقل الدم من أمستردام إلى تل أبيب.
كانت هولندا كلها تقريباً تتابع أخبار الحرب لحظة بلحظة
للاطمئنان على الإسرائيليين. وأشارت نتائج استطلاع رأي أجراه المعهد الهولندي
للرأي العام مباشرة بعد حرب 1967 إلى أن 67% من سكان هولندا كانوا متعاطفين مع
الإسرائيليين، حيث أشار معظم المشاركين في الاستطلاع إلى الهولوكوست أو المحرقة
كسبب رئيسي لدعمهم لإسرائيل، التي لم تكتفِ باحتلال الأراضي الفلسطينية، بل توسعت
في احتلال أراضي دول عربية أخرى.
استمر الدعم السياسي الهولندي لإسرائيل من خلال البرلمان
الهولندي الذي شجع الحكومة على تزويد الإسرائيليين بالمعدات العسكرية، بما في ذلك
مكونات الطائرات المقاتلة والدبابات. الحكومة الهولندية، بالإضافة إلى ملكة هولندا
آنذاك، الملكة يوليانا، كانت داعمة لإسرائيل بدرجة كبيرة. وصلت دعمها إلى حدٍ كاد
أن يتسبب في أزمة دستورية في هولندا للتأكيد على تأييدها للإسرائيليين. ففي 16
يونيو 1967، استقبلت يوليانا في قصرها ممثلي لجنة هولندية تُدعى "العمل
الجماعي من أجل إسرائيل" لتطلع على آخر مستجدات المساعدات الهولندية لإسرائيل.
عبرت عن قلقها على مصير الإسرائيليين، وأعربت عن رغبتها في إصدار بيان عام تنتقد
فيه سياسة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وتدعو الناس للصلاة من أجل إسرائيل.
ولكن، هذا البيان كان مخالفًا لبروتوكولات الملكية الدستورية في هولندا، حيث إن
دور الملك رمزي ولا يتدخل في الحكم. نتيجة لذلك، تدخل وزير خارجية هولندا آنذاك،
جوزيف لونز، وأوضح لها أن منصبها لا يسمح لها بإصدار مثل هذا البيان.
انتهت حرب 1967 باحتلال إسرائيل لمناطق عربية عدة، بما في ذلك
سيناء المصرية والجولان السورية. ومع مرور الوقت، قرر المصريون والسوريون استرجاع
أراضيهم المحتلة عبر شن هجوم مشترك مفاجئ على إسرائيل في 6 أكتوبر 1973. على عكس
حربي 1956 و1967، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي في موقف حرج للغاية خلال حرب أكتوبر
1973، خاصة في الأيام الأولى، حيث كاد أن ينهار تمامًا. وهنا برزت هولندا مجددًا
كإحدى أكثر الدول وفاءً ودعمًا لإسرائيل.
الجدير بالذكر أن الدعم الهولندي لإسرائيل لم يكن مرتبطًا فقط
بالأزمات أو الحروب. فقبل حرب 1973، تم تدريب مجموعة من الجنود الإسرائيليين في
هولندا بين عامي 1971 و1972. وخلال هذه التدريبات السرية، درّب الهولنديون الجنود
الإسرائيليين على استخدام ناقلة الجند الأمريكية المدرعة "M113" وعلّموهم كيفية إطلاق النار
باستخدامها. كان لهذا التدريب أهمية كبيرة لإسرائيل، حيث اعتمدت بشكل كبير على هذه
المدرعة خلال الحرب مع مصر وسوريا. ومع اندلاع الحرب في 6 أكتوبر، وعلى الرغم من المفاجأة
الاستراتيجية للهجوم المصري والسوري، كان حلفاء إسرائيل، بما فيهم الهولنديون،
واثقين في قدرة سلاح الجو الإسرائيلي المتطور على سحق الهجوم بسرعة. ولكن مع مرور
الوقت، أدرك الجميع، بما فيهم الهولنديون، أن تقديراتهم لقوة الجيش الإسرائيلي
كانت مفرطة في التفاؤل، وأن وضع إسرائيل كان سيئًا للغاية، خاصة على الجبهة
المصرية التي كانت مجهزة بدفاع جوي قوي لتقليص تأثير سلاح الجو الإسرائيلي.
بعد وصول تقارير عن تدهور الوضع الإسرائيلي في الحرب، اجتمع
رئيس وزراء هولندا، يوب دن إل، في 8 أكتوبر 1973 مع وزراء الخارجية، والعدل، والشؤون
الاقتصادية، والدفاع لمناقشة سبل مساعدة إسرائيل. قرروا أولاً الدعوة إلى وقف
إطلاق النار في أقرب وقت ممكن بشروط مقبولة للطرفين، لكنهم فضلوا أن يكون وقف
إطلاق النار على أساس الوضع الذي كان قبل الحرب، مما يعني انسحاب الجيش المصري من
الأراضي التي حررها والعودة إلى الوضع الذي كان عليه صباح يوم 6 أكتوبر، وهو
اقتراح شديد السُّخف يعكس انحيازًا واضحًا لإسرائيل.
في نفس الاجتماع، اتفق الهولنديون على ضرورة منع أي محاولة من
الدول العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة لوصف الاحتلال الإسرائيلي بأنه
عدواني. أبلغوا مندوبهم الدائم في الأمم المتحدة بهذا الأمر وطلبوا منه التصويت ضد
أي قرار يدعو لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر عام 1967، والذي يلزم
الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب من الأراضي التي احتلها في يونيو من ذلك العام.
قررت هولندا في ذلك الوقت تقديم كل الدعم الدبلوماسي الممكن لإسرائيل، لكنها لم
تكتفِ بذلك. ففي 7 أكتوبر، طلب السفير الإسرائيلي في هولندا، شنان بارون، من وزير
الخارجية الهولندي تقديم الدعم العسكري والمادي لإسرائيل. كان الإسرائيليون في
حالة يأس بسبب وضعهم السيئ في الحرب، وكانوا يواجهون صعوبة في تأمين الدعم العسكري
لجيشهم، خاصة بعد أن فرضت بريطانيا وفرنسا حظرًا على تصدير الأسلحة لجميع أطراف
النزاع، بما في ذلك إسرائيل. كما أن الجسر الجوي الأمريكي لم يبدأ إلا بعد فترة من
الزمن.
في هذا السياق، عندما تواصل السفير الإسرائيلي مع الهولنديين،
كانت هولندا تقريبًا الخيار الوحيد المتبقي لتزويد الجيش الإسرائيلي بالذخيرة وقطع
الغيار الضرورية. وبحسب السفير الإسرائيلي، فإن رد وزير الخارجية الهولندي على
طلبه كان باردًا نسبيًا، ربما بسبب التقارير المتفائلة حول قوة الجيش الإسرائيلي.
ورغم ذلك، لم يستسلم السفير الإسرائيلي واستمر في التواصل مع رئيس الوزراء
الهولندي ووزير الخارجية. وكان الأخير متعاطفًا جدًا مع الإسرائيليين، لدرجة أنه
شارك شخصيًا في مظاهرة دعم لإسرائيل في أمستردام يوم 13 أكتوبر. كما تواصل مع
الملحق العسكري الإسرائيلي في باريس للاستفسار عن احتياجات الجيش الإسرائيلي،
وجاءه الرد في اليوم التالي بأنهم بحاجة ماسة للذخائر من عيار 105 ملم و155 ملم.
وقد استجابت هولندا لهذا الطلب، وزودت إسرائيل بالذخيرة وقطع الغيار لدبابات
سنتوريون التي كانت تشكل نصف قوة الدبابات الإسرائيلية خلال الحرب.
دعم الهولنديون الاحتلال الإسرائيلي رغم المخاطر التي تعرضوا
لها، حيث تسبب ذلك في فرض حظر نفطي عليهم من قبل الدول العربية المنتجة للنفط، مما
أدى إلى أزمة طاقة كبيرة في هولندا. كان موقف هولندا مختلفًا عن مواقف جيرانها في
أوروبا، الذين فضلوا البقاء على الحياد خوفًا من استخدام العرب لسلاح النفط.
وعندما زارت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير لندن في نوفمبر 1973 لحضور
مؤتمر الأممية الاشتراكية بعد وقف إطلاق النار، وبّخت الزعماء الأوروبيين لعدم
دعمهم الكافي لإسرائيل في الحرب. ومع ذلك، شكرت اثنين فقط من القادة الأوروبيين
الحاضرين لدعمهما لإسرائيل، وهما رئيس وزراء هولندا يوب دن آيل ومستشار ألمانيا
الغربية فيلي برانت. وما زالت هذه الدول تدعم إسرائيل حتى اليوم.
انتهت الحرب، لكن الدعم الهولندي لإسرائيل استمر. فعلى سبيل المثال،
عندما قطعت بولندا علاقاتها مع إسرائيل في عام 1967، وافقت الحكومة الهولندية على
تمثيل المصالح الإسرائيلية في بولندا من عام 1967 حتى عام 1990. كذلك قدمت هولندا
نفس الخدمة لإسرائيل في موسكو عندما انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد
السوفيتي وإسرائيل. وبين فبراير ويوليو 1953، كانت هولندا دائمًا تقف بجانب
إسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، حيث صوتت ضد القرارات التي تدعو إلى حق
الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
الاستثناء الوحيد في السياسة الهولندية كان مشاركتها في مشروع ميناء
غزة في أواخر التسعينات، حيث قدمت منحة تقدر بحوالي 23 مليون يورو. ولكن للأسف، لم
يكتمل المشروع بسبب تدميره من قبل الجيش الإسرائيلي خلال الانتفاضة الفلسطينية
الثانية. ومع ذلك، لم يكن هذا الدعم دليلاً على تغيير جذري في السياسة الهولندية،
إذ رفض وزير الخارجية الهولندي ياب دي هوب شيفر مطالبة إسرائيل بتعويضات عن تدمير
الميناء، حيث كان يميل لدعم الإسرائيليين مثل أغلب وزراء خارجية هولندا. وربما كان
الاستثناء الوحيد هو وزير الخارجية الهولندي بوت، الذي شغل المنصب من ديسمبر 2003
حتى فبراير 2007، حيث كان يسعى لتقديم دعم أكبر للفلسطينيين، ولكن في النهاية
استسلم للواقع السياسي، حيث منع البرلمان الهولندي أي جهود لزيادة الدعم السياسي
للقضية الفلسطينية.
بقيت هولندا على موقفها الداعم لإسرائيل، وساهمت في حماية إسرائيل من
الانتقادات الدولية. فعلى سبيل المثال، في فبراير 2012، أصدر دبلوماسيون في
الاتحاد الأوروبي تقريرًا حول عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في
الأراضي المحتلة، وأيدت جميع دول الاتحاد التقرير باستثناء هولندا، التي أبدت
تحفظات عليه. وزير الخارجية الهولندي أور زنتال كسر إجماع الدبلوماسيين الأوروبيين
في الأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما جعل البعض
يعتبر هولندا الصديق الأقرب لإسرائيل في أوروبا، حتى أكثر من ألمانيا التي رغم
دعمها الكبير لإسرائيل، تتبنى مواقف أكثر تقدمية بشأن القضية الفلسطينية.
في هذا السياق، يمكن فهم موقف هولندا الحالي من العدوان الإسرائيلي
على قطاع غزة، الذي أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 40,000 شخص، معظمهم من النساء
والأطفال. رغم كل هذا القتل والتدمير، لم يتغير موقف هولندا الداعم لإسرائيل.
للأسف، تشارك هولندا في جرائم الاحتلال الإسرائيلي من خلال توفير الغطاء السياسي
الذي يسمح باستمرار القتل والتدمير، ومن خلال عدم منع وصول أدوات القتل، مثل قطع
غيار طائرات F-35، إلى الجيش الإسرائيلي.
لن تنسى الأمتان العربية والإسلامية دور هولندا السلبي في منطقة
الشرق الأوسط، ومشاركتها المباشرة وغير المباشرة في الإبادة الجماعية وجرائم الحرب
البشعة التي ترتكبها دولة الكيان الصهيوني إسرائيل في فلسطين عامة وفي قطاع غزة
خاصة.