شعر: علي طه النوباني
كائنٌ فضائيّ معدنيّ الملامح
بلاستيكي النظرات
بلا عَواطِفَ ولا مَشـاعر
يَـحْمِل مِـلـقَطًا مُـدَبَّـباً
وَعَـدَسَـةً مُكَـبِّـرة
وَيَـسيـرُ في الشـارع الخاوي
مِثل شَـبَـحٍ مُـخيف
مِثل روبوتٍ سَـخيف
عُـيونُـهُ مُـستَـديرةٌ حمراء
أَنـفُـهُ مُـرَبَّـع قميء
وَصَـوتُـهُ مثل انـفِلاتِ الـهَواء
من ثُـقـبِ كائِن مَـريض
***
ها هُوَ يَـمْنَـعُ الِّـلـقاءَ والـحَياة
يَـجمَعُ الفيروساتِ والأجسامَ الـخَـبـيـثة
في عُـمرِنا الـخاوي
قُربَ رَبـيـعٍ لَـم يَكْـتَمِل
لَـمْ يَـبْـقَ مِن ضَـجَّـةِ النهارِ سِوى
شاشَــةٍ شاحِـبَةٍ
وَضوءٍ باهِتٍ يُـحْرِقُ الـعُـيونْ
لم يَـبْـقَ من أُلـفَةِ الـحَـديـثِ سِـوى
ناطِـقٍ جامِدٍ يَـدَّعي الـذَّكاءَ والـبَـراعَـة
في عـالَــمٍ يَـضِـجُّ بالسُّخْـفِ والبلاهَة
دَعـنـي وشـأْنـي
فالـمَديـنَةُ أَصبَحَتْ كَفَنَ الـقصائِـدِ
والأَغاني الـجَمـيلَـةْ
والشوارعُ تَـلـتَـفُّ حولَ الـمَعادِنِ الباردة
مثل عِشقٍ يموت
***
كُـنّا هناك
نُـواجِـهُ الأَخـطار
نَـتَـلَـفَّـعُ بالـمُـغامرات
نَـعـيـشُ أَو نَـموت
حَـتّـى أَتى هـذا
مِن بَـيْـدَرِ الـجُـنونِ والبَـذاءَة
لِـيَـزْرَعَـنا في الصَّخْرَةِ الـصمّاء
لا زهرَ
لا أَغاني
لا عشقَ، لا اشـتِـعال
***
ماذا يُـريـدُ الكـائِنُ الـمَجْـنون
هل يَـعـرِفُ أَنَّ الـنِّـهايَةَ
مِثلُ الـبدايَةِ
تَــسـكُنُ فـينا
فَـنَـسـعى لا نَـخاف
وَنَــشـربُ الماءَ والجفاف
لكنَّ ما يَـقْـتُـلُـنا
هُـو أَنـتَ
يا عَـدوَّ الـحياة
يَـهرُبُ عَنكَ حَتى الفيروسُ والمرض
يا أَيـُّها الـمُـبَـجَّلُ الـغَـبـيّ
مثل هيبةِ الدَّمار
وانقطاعِ الدُّروب
***
دَعْـني وَشـأني
أَمضـي إلى قَـدَري
فالـمَوْتُ قـصَّةٌ قـديـمَةٌ جِـدًا
رأيـتُـها كثيرًا في الـخُطواتِ الـحَـزيـنـَة
في خَـيـبةِ الـتّرحال والاجـتـهاد
وفي الولادة الممزوجة بالبكاء
الـموتُ قِـصَّةٌ قَـديـمَةٌ جِـدًا
تُـعيدُني لأُمّـي حيث أَنْـبُـتُ كالـربـيعْ
وأَجمعَ كلَّ الحكاياتِ الجميلة
من شـَمْسِنا الـحَـبـيـبـة
فـتُضيءُ في عَـيـنـي الزهور
وأنـتَ
ما أنتَ سِوى قاتِلِ الـراوي والـحِكـايَــة
وأنتَ صانِـعُ الـجَـنازاتِ الطـويلـَة
وصانِـعُ الـمَأْسـاة ِبِـأضـوائِـكَ اللَّــعينة
وَصُراخِكَ الـمَـقـيـت
وَمَوَدَّتـِكَ الكـاذبِة
***
دعني وَشـأنـي
أُعانـقُ الـتُّـرابَ مَـرَّةً
وَمَـرَّة أُعانِـقُ الـنجوم
لَـمْ أُوَقِّـعْ عَـلـى فَـوضاكَ يَـومًا
وَلـمْ أُوافِـقْ عَـلى حَـرقِ روحي
في جَـحيمِكَ اللَّعينْ
أنا قَـصيدَةُ الأَرضِ والسماء
أنا
نَـشــيدٌ جاء لكي
يَـتَـنَـفَّسُ الـحـريَّةَ قَـبلَ الـهَواء
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق