الثلاثاء، 13 أكتوبر 2015

سيجارة على الرصيف



قصة: علي طه النوباني
أمس احتملتُ ساعات طويلة من الدراسة المضنية، كان والدي يبذل مجهودا كبيرا لكي أفهم درس الرياضيات، قال لي: أنت الآن في الصف السابع، ولم يبق سوى القليل، وتصبح في الثانوية العامة، حيث لا مجال للمواربة، إما أن تنجح أو يضيع مستقبلك.
اليوم رفعت يدي لكي أشارك في حصة الرياضيات، أطرح بعض ما تعلمته بالأمس من والدي، لكن الأستاذ مثل العادة لا يعرف من الصف سوى عصام: يشير إليه، ينهض عصام ويسير نحو اللوح، يحل السؤال، يقول الأستاذ: صفقوا له، نصفق، ثم يعود عصام إلى مقعدة، وكأننا خلقنا لنصفق.
ذكر لي أحد الطلاب أن والد عصام شخص مُهم في الحكومة، وقد أوصى عليه مدير المدرسة، ولهذا هو دائما موضع اهتمام المعلمين.
إذا لم أنهض عن الكرسي وأحل مسألة، ماذا أفعل؟ الجلسة تصبح مملة جداً، هل أصير مثل الكرسي الذي أجلس عليه، أفضل الخروج من الصف لأي سبب حتى لو كان عدم رؤية عصام وهؤلاء المعلمين الذين لا يرون غيرة.
في العام الماضي كنت في مدرسة أفضل، كان معلم الفن يطلب منا أن نرسم، وكان يتأمل لوحتي ويقول أنها جميلة، وكان هنالك قاعة كبيرة يعلق فيها رسومات الطلاب، أما هذه المدرسة فقد تحولت فيها إلى آلة تصفيق لعصام.
رفعت يدي لأكثر من عشرين مرة، لكن الأستاذ تجاهلني على نحو غريب، أعتقد أنه لا يعجبه شكلي، أو يكره شخصاً يشبهني. قال لي زميلي محمود أن لكل صف في هذه المدرسة طفل مدلل يهتم به المعلمون ويسمحون له بما هو ممنوع على غيره، وضرب مثالا لذلك أن معلم اللغة الإنجليزية أرسل عصام إلى الدكان خارج المدرسة ليشتري له علبة سجائر رغم أنه ممنوع على جميع الطلاب الخروج حتى لشراء الساندويش! واردف قائلاً: تصور!
نهضت عن الكرسي ومشيت نحو المعلم، قلت له أني سوف أذهب إلى الحمام، فأشار إليَّ بامتعاض أن اذهب. خرجت من غرفة الصف إلى الممر، ووجدت نفسي أخرج من باب المدرسة إلى الشارع فإذا سعيد جالس على الرصيف، قال لي: ما رأيك بسيجارة، أشعلتها فإذا صوت المعلم المناوب يخرج من باب المدرسة وهو يصرخ: أنتما، تهربان من الحصص؟ وتدخنان أيضاً!، اذهبا إلى غرفة المدير لكي نجد لكم حلاً.
كان المدير جالساً وراء طاولته، وكان حوله أكثر من عشرة معلمين، سألنا لماذا خرجنا من المدرسة، فلم أتمكن من أن أقول شيئاً، قال أنه سيحولنا إلى مجلس الضبط المدرسي الذي سيوجه لنا عقوبة شديدة، وطلب منا العودة إلى الصف.
دخلت من باب الصف، كان معلم اللغة الإنجليزية واقفا، وكان عصام يقرأ الدرس، وعندما انتهى، قال المعلم: صفقوا له، فصفقت وأنا أسير نحو مقعدي.

اقرأ أيضاً على حبيبتنا

أنشودة العرب، شعر: علي طه النوباني  

بنما دولة بعيدة... ومُشوِّقة جدا  

الأزمة الاقتصادية، ومصالح الطبقات  

قراءة في رواية دموع فينيس لعلي طه النوباني  

عَهْدُ فلسطين - عهد التميمي  

كذبة نيسان  

الشوكُ جميلٌ أيضا  

«مدينة الثقافة الأردنية».. مراجعة التجربة لتعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات  

المشنقة  

البيطرة  

قصة نظرة  

عملية صغرى  

سيجارة على الرصيف  

بالشوكة والسكين والقلم  

نهاية التاريخ؟ مقالة فرانسيس فوكوياما  

الدولة العربية الإسلامية / الدولة والدين/ بحث في التاريخ والمفاهيم  

شهامة فارس  

جذورالحَنَق الإسلامي برنارد لويس  

صِدام الجهل : مقالة إدوارد سعيد  

صدام الحضارات؟ صموئيل هنتنغتون 

الفضائيات والشعر  

كأسٌ آخرُ من بيروت 

عمّان في الرواية العربية في الأردن": جهد أكاديمي ثري يثير تساؤلات 

تشكّل الذوات المستلبة  

مشهد القصة بين الريف والمدينة  

وحدة الوجدان والضمير  

«المنجل والمذراة».. استبطان الداخل  

دور المثقف والخطاب العام  

جرش: حديث الجبال والكروم  

في شرفة المعنى 

المثاقفة والمنهج في النقد الأدبي لإبراهيم خليل دعوة للمراجعة وتصحيح المسيرة  

!!صديق صهيوني  

عنترُ ودائرةُ النحس  

فجر المدينة  

مقامة الأعراب في زمن الخراب  

دورة تشرين 

الغرفُ العليا  

الصيف الأصفر  

حب الحياة: جاك لندن 

قصة ساعة كيت تشوبن 

قل نعم، قصة : توبايس وولف 

معزوفة الورد والكستناء  

منظومة القيم في مسلسل "شيخ العرب همام"  

ملامح الرؤية بين الواقعية النقدية والتأمّل  

الرؤية الفكرية في مسلسل «التغريبة الفلسطينية»  

"أساليب الشعريّة المعاصرة" لصلاح فضل - مثاقفة معقولة  

كهرباء في جسد الغابة  

جامعو الدوائر الصفراء  

صَبيَّةٌ من جدارا اسمُها حوران  

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق