السبت، 26 سبتمبر 2015

بالشوكة والسكين والقلم



                                                                                 قصة بقلم: علي طه النوباني

البوفية المفتوح أو السفرة المفتوحة في الفندق ذي النجوم الخمسة يحتوي على ما لذَّ وطاب من أنواع الأطعمة: يبدأ بالسلطات بأنواعها، والتي يزيد عددها على عشرين نوعاً، ويليها أنواع مختلفة من الطبخات الأجنبيَّة، كُتب اسم كل منها بالحروف الأجنبيَّة على لوحة صغيرة أمامها. ويأتي بعد ذلك الفاكهة والحلويات المختلفة الأنواع.
اخترت ما تيسر من أنواع الطعام، وجلست على واحدة من الطاولات. وحسب البروتوكول؛ كنت أبتسم لكل شخص تلتقي عيني به؛ سواءً كان من زملائي في المؤتمر أو من عمال الفندق الذين كانوا يتجولون بزيِّهم الموحد في الفندق. بدأت أتناول الطعام: الشوربة في البداية ثم السلَّطة ( بفتح السين وليس بضمِّها)، ولا أدري لماذا تذكرت ذلك الطفل الذي يبيع نوعاً رخيصاً من الأقلام قرب الاشارة الضوئية التي تقع بين الروشة والحمرا. أصبحتُ بحاجة إلى أن أدفع اللقمة نحو جوفي بشيء ما.
لا شك أن ذلك الطفل يحلم بأن يعود لإخوته الصغار بشيءٍ يسدَّ رمقهم: ربما يكون ساندويشات، شطائر، وربما خبز مع شاي،  وربما يدفعون إيجار البيت ويتدبرون أمر الطعام من هنا أو هناك.
كان الجوُّ شديد الحرارة، وكانت أشعة الشمس مثل رصاص مصهور بسبب الرطوبة الشديدة، وكان الطفل يقفز بحذائه المهترئ من نافذة سيارة إلى نافذة سيارة أخرى وهو يعرض الأقلام.
وماذا يَكتبُ هؤلاءِ بالأقلام:                       
البعض يكتب صفقة تجارية يبيع فيها أو يشتري أحلام آلاف الأطفال، والبعض يكتب قصائد يجمِّل فيها بشاعة هذا العالم، والبعض لا يقرأ ولا يكتب ولا حتى يفكر.
دَفعتُ السلطة (بفتح السين ) إلى جوفي بصعوبة، وخضت حرباً بالسكين والشوكة مع قطعة الستيك ذات الطعم المحايد: لا مالحة ولا دالعة، لا حلوة ولا مرهَّ، تماماً مثل عالمنا الذي يشيخ فيه الأطفال وهم يبيعون الأقلام على الإشارات الضوئية، ويدفعون من أعمارهم ضريبة ما تكتبه الأقلام.
بيروت  4/9/2015 



اقرأ أيضاً على حبيبتنا

أنشودة العرب، شعر: علي طه النوباني  

بنما دولة بعيدة... ومُشوِّقة جدا  

الأزمة الاقتصادية، ومصالح الطبقات  

قراءة في رواية دموع فينيس لعلي طه النوباني  

عَهْدُ فلسطين - عهد التميمي  

كذبة نيسان  

الشوكُ جميلٌ أيضا  

«مدينة الثقافة الأردنية».. مراجعة التجربة لتعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات  

المشنقة  

البيطرة  

قصة نظرة  

عملية صغرى  

سيجارة على الرصيف  

بالشوكة والسكين والقلم  

نهاية التاريخ؟ مقالة فرانسيس فوكوياما  

الدولة العربية الإسلامية / الدولة والدين/ بحث في التاريخ والمفاهيم  

شهامة فارس  

جذورالحَنَق الإسلامي برنارد لويس  

صِدام الجهل : مقالة إدوارد سعيد  

صدام الحضارات؟ صموئيل هنتنغتون 

الفضائيات والشعر  

كأسٌ آخرُ من بيروت 

عمّان في الرواية العربية في الأردن": جهد أكاديمي ثري يثير تساؤلات 

تشكّل الذوات المستلبة  

مشهد القصة بين الريف والمدينة  

وحدة الوجدان والضمير  

«المنجل والمذراة».. استبطان الداخل  

دور المثقف والخطاب العام  

جرش: حديث الجبال والكروم  

في شرفة المعنى 

المثاقفة والمنهج في النقد الأدبي لإبراهيم خليل دعوة للمراجعة وتصحيح المسيرة  

!!صديق صهيوني  

عنترُ ودائرةُ النحس  

فجر المدينة  

مقامة الأعراب في زمن الخراب  

دورة تشرين 

الغرفُ العليا  

الصيف الأصفر  

حب الحياة: جاك لندن 

قصة ساعة كيت تشوبن 

قل نعم، قصة : توبايس وولف 

معزوفة الورد والكستناء  

منظومة القيم في مسلسل "شيخ العرب همام"  

ملامح الرؤية بين الواقعية النقدية والتأمّل  

الرؤية الفكرية في مسلسل «التغريبة الفلسطينية»  

"أساليب الشعريّة المعاصرة" لصلاح فضل - مثاقفة معقولة  

كهرباء في جسد الغابة  

جامعو الدوائر الصفراء  

صَبيَّةٌ من جدارا اسمُها حوران  

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق