قصة بقلم: علي طه النوباني
البوفية المفتوح أو السفرة المفتوحة في الفندق ذي النجوم
الخمسة يحتوي على ما لذَّ وطاب من أنواع الأطعمة: يبدأ بالسلطات بأنواعها، والتي يزيد
عددها على عشرين نوعاً، ويليها أنواع مختلفة من الطبخات الأجنبيَّة، كُتب اسم كل
منها بالحروف الأجنبيَّة على لوحة صغيرة أمامها. ويأتي بعد ذلك الفاكهة والحلويات
المختلفة الأنواع.
اخترت ما تيسر من أنواع الطعام، وجلست على واحدة من
الطاولات. وحسب البروتوكول؛ كنت أبتسم لكل شخص تلتقي عيني به؛ سواءً كان من زملائي
في المؤتمر أو من عمال الفندق الذين كانوا يتجولون بزيِّهم الموحد في الفندق. بدأت
أتناول الطعام: الشوربة في البداية ثم السلَّطة ( بفتح السين وليس بضمِّها)، ولا أدري
لماذا تذكرت ذلك الطفل الذي يبيع نوعاً رخيصاً من الأقلام قرب الاشارة الضوئية
التي تقع بين الروشة والحمرا. أصبحتُ بحاجة إلى أن أدفع اللقمة نحو جوفي بشيء ما.
لا شك أن ذلك الطفل يحلم بأن يعود لإخوته الصغار بشيءٍ
يسدَّ رمقهم: ربما يكون ساندويشات، شطائر، وربما خبز مع شاي، وربما يدفعون إيجار البيت ويتدبرون أمر الطعام
من هنا أو هناك.
كان الجوُّ شديد الحرارة، وكانت أشعة الشمس مثل رصاص
مصهور بسبب الرطوبة الشديدة، وكان الطفل يقفز بحذائه المهترئ من نافذة سيارة إلى نافذة
سيارة أخرى وهو يعرض الأقلام.
وماذا يَكتبُ هؤلاءِ بالأقلام:
البعض يكتب صفقة تجارية يبيع فيها أو يشتري أحلام آلاف
الأطفال، والبعض يكتب قصائد يجمِّل فيها بشاعة هذا العالم، والبعض لا يقرأ ولا
يكتب ولا حتى يفكر.
دَفعتُ السلطة (بفتح السين ) إلى جوفي بصعوبة، وخضت
حرباً بالسكين والشوكة مع قطعة الستيك ذات الطعم المحايد: لا مالحة ولا دالعة، لا
حلوة ولا مرهَّ، تماماً مثل عالمنا الذي يشيخ فيه الأطفال وهم يبيعون الأقلام على الإشارات الضوئية، ويدفعون من أعمارهم ضريبة ما تكتبه
الأقلام.
بيروت 4/9/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق