الجمعة، 22 فبراير 2013

زي موحد للكتاب والشعراء






قصة بقلم : علي طه النوباني
دخلتُ من البوابة الكبيرة للمبنى، ورفعتُ يديَّ إيذانا لاثنين من المسلحين بتفتيشي، وأثناء ذلك وقع نظري على الآرمة التي خلف منصة الرئيس، وكان مكتوبا عليها: " الرئيس القائد الجنرال الفذّ الملهم الكاتب المبدع....".
جلست على أحد المقاعد بين عامة الكتاب في اللحظة التي نهض فيها رئيس الرابطة بالبالطو الأسود والطاقية المميِّزة للمثقفين ذات المظلة القصيرة، حاملاً بندقية في يد واحدة ومطلقاً ثلاث عيارات نارية إعلانا لبدء اجتماع  الهيئة العامة للرابطة، ثم عاد ليجلس على الكنبة الخاصة به بينما بدأ مدير الحفل الكلام بصوته الجهوري عبر مكبرات الصوت:" والآن مع كلمة رئيس الرابطة القائد الجنرال الفذّ البطل الملهم الكاتب الأديب .....).
وقف الرئيس وراء المنصة ، وكان أعضاء هيئته الإدارية جالسين على مقاعدهم وراءه يهزون رؤوسهم كلما أنهى عبارة من خطابه.
قال الرئيس: لقد حققنا الكثير من الإنجازات للكتاب والمبدعين ويسعدني في هذا الاجتماع أن أذكر أبرزها:
أولا: تمَّ تفصيل زي موحد للكتاب راعينا فيه التميُّز والتفرُّد، وابتعدنا عن الألوان التي أصبحت رمزاً لمهن أخرى كالبرتقالي والأحمر والكحلي، وسيُفصل من عضوية الرابطة كل من يأتي إلى اجتماعاتها دون أن يرتديه.
ثانياً: تم إنشاء محكمة خاصة تابعة لرابطة الكتاب، وذلك من أجل البت في الشبهات التي قد يقع فيها بعض أعضاء الرابطة بعيداً عن المحاكم الإمبريالية المنحازة، وقد أحيل إلينا حكم بإعدام أحد الأعضاء ولكننا واجهنا مشكلة في تحديد طريقة الإعدام : هل نستعمل القتل الرحيم أم نلجأ إلى الإعدام شنقاً، وسوف نتخذ القرار بأغلبية أصوات الهيئة الإدارية.
ثالثاً: تمَّ تغيير اسم الهيئة الإدارية إلى مجلس قيادة الكتاب والمثقفين لكي يتناسب مع الهم العربي وظروف المرحلة الحساسة. وكما تعلمون جميعا فقد تمَّ انتخاب هذا المجلس بنسبة وصلت إلى 99.99 من أصواتكم الكريمة.
رابعا: تمَّ إنشاء جهاز مخابرات تابع للرابطة لمعرفة ما يفكر فيه كل عضو من أعضائها، وتحديد توجهاته: هل هي ملائمة لطبيعة المرحلة كما يراها مجلس قيادة الثورة.. أقصد مجلس قيادة الكتاب، هل يعلو صوت أفكارهم فوق صوت المعركة،  أم أنها تخرج عن خطتنا الملهمة للأمة ومستقبلها.
خامساً: ولتمويل هذه المؤسسات التابعة للرابطة قررنا رفع الاشتراك الشهري للعضو من دينار إلى ثلاثين ديناراً.
رفع الرئيس البندقية بيد واحدة وأطلق ثلاثة عيارات نارية، وعيونه تتطاير شرراً، فيما انطلق صوت المذيع الداخلي: يحيا الرئيس القائد الملهم البطل ...
وهنا قفزت من فراشي فإذا الماء يدلف من السقف على وجهي في غرفتي البائسة وصرخت في وجه زوجتي: معقول يا فاطمة... أنا بتمسك طول هالعمر بالمبادئ رغم الدلف .. واليوم بتمسك فيها بس خوف من مجلس قيادة ال .. ليش لعاد أنا مثقف.. ليش يا فاطمة..
خرجت زوجته من الكوخ وهي تصرخ وتولول وتضرب الكف على الأخرى... جوزي هستر .. جوزي خرفن...
------------
·         علي طه النوباني عضو رابطة الكتاب الأردنيين / رئيس فرع جرش



اقرأ أيضاً على حبيبتنا

أنشودة العرب، شعر: علي طه النوباني  

بنما دولة بعيدة... ومُشوِّقة جدا  

الأزمة الاقتصادية، ومصالح الطبقات  

قراءة في رواية دموع فينيس لعلي طه النوباني  

عَهْدُ فلسطين - عهد التميمي  

كذبة نيسان  

الشوكُ جميلٌ أيضا  

«مدينة الثقافة الأردنية».. مراجعة التجربة لتعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات  

المشنقة  

البيطرة  

قصة نظرة  

عملية صغرى  

سيجارة على الرصيف  

بالشوكة والسكين والقلم  

نهاية التاريخ؟ مقالة فرانسيس فوكوياما  

الدولة العربية الإسلامية / الدولة والدين/ بحث في التاريخ والمفاهيم  

شهامة فارس  

جذورالحَنَق الإسلامي برنارد لويس  

صِدام الجهل : مقالة إدوارد سعيد  

صدام الحضارات؟ صموئيل هنتنغتون 

الفضائيات والشعر  

كأسٌ آخرُ من بيروت 

عمّان في الرواية العربية في الأردن": جهد أكاديمي ثري يثير تساؤلات 

تشكّل الذوات المستلبة  

مشهد القصة بين الريف والمدينة  

وحدة الوجدان والضمير  

«المنجل والمذراة».. استبطان الداخل  

دور المثقف والخطاب العام  

جرش: حديث الجبال والكروم  

في شرفة المعنى 

المثاقفة والمنهج في النقد الأدبي لإبراهيم خليل دعوة للمراجعة وتصحيح المسيرة  

!!صديق صهيوني  

عنترُ ودائرةُ النحس  

فجر المدينة  

مقامة الأعراب في زمن الخراب  

دورة تشرين 

الغرفُ العليا  

الصيف الأصفر  

حب الحياة: جاك لندن 

قصة ساعة كيت تشوبن 

قل نعم، قصة : توبايس وولف 

معزوفة الورد والكستناء  

منظومة القيم في مسلسل "شيخ العرب همام"  

ملامح الرؤية بين الواقعية النقدية والتأمّل  

الرؤية الفكرية في مسلسل «التغريبة الفلسطينية»  

"أساليب الشعريّة المعاصرة" لصلاح فضل - مثاقفة معقولة  

كهرباء في جسد الغابة  

جامعو الدوائر الصفراء  

صَبيَّةٌ من جدارا اسمُها حوران  

 

هناك تعليق واحد: