الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

صَبيَّةٌ من جدارا اسمُها حوران



صَبيَّةٌ من جدارا اسمُها حوران
علي طه النوباني
أبا الطيب
تعبت راحلتك فاسترح
في جعبة الأفق مرفأ للقصائد
سفينةٌ تتحدّى التعب
خيمةٌ للنساك
 يطلبون الوصل فيها
وكتابٌ من صهيل الخيل
 يشرق في أصواتهم
لا الشعر يطفي لظى الترحال
لا وجع الأمنيات
ولا  فيض التراتيل القديمة
***
أبا الطيب
ها هي ربة السنابل تعمر الفضاء
حزينةٌ لكنها تضجُّ بالعشق والأغاني
تبوحُ كلّما أينع أقحوانها بالقمح والسنابل
قف معي نشرب من عطرها قصيدة
نرسم من مداها زورقا للتجلي
ونجمع الأحبة رغم أنف الغياب
***
أبا الطيب
غنِّ للمجد في حوران الأبيّة
ربّما تموج السنابل في الحرف النديّ
ربّما تعود طقوس الحصاد
تتدحرج العرباتُ من بيلا
 نحو بلاد ايزيس
ويلمعُ في الأفق سيفُ خالد
***
أبا الطيب
تعبتْ راحلتك فاسترح
هنا في بيت راس
ميلاغروس
يرقب الأضواء في تل اربد
يعزف لحن الدوالي العتيقة
ويشرب نخب القوافل
" تعالوا جميعا
نموج في التربة الحمراء
نتسلق عبق الأقحوان
نتجلى مثل غيمة
ونحاكي اللون قي جدارا "
***
أمس مرّت إلهةٌ صغيرة
عيونها عسلية
وثوبها ضباب مطرز بالنجوم
حدَّقتْ في الأفق
وأنصتتْْ طويلاً
ثم انحنتْ مثل منجل
وتكورت كحبة قمح
-  ميلاغروس أنبئني بالحكاية ؟
"تلك صبية من جدارا
اسمها حوران
أحبها ألف فارس
وهيّمت ألف شاعر
لكنها هامت في الحقول
تلك صبية من جدارا
قَرَأَتْ عشق الشيخِ البعيد للسنابل
جَََلَبَتْ من ثلجه عقداً للأقحوان
واشتعلتْ في كلِّ حقل نشيداً
وفي كل سنبلة أغنية"
***
أيتها السماء أمطري
حوران مسرح الجبال
عباءة الصحراء الزاهرة
أنشودتها الخالدة
شعرها سنابل
عشقها مشاعل
طبريّا مرآتها الصغيرة المتلألئة
القريبة البعيدة
 يُحكى أن جدارا تهبط من عليائها كل يوم
تغسل وجهها في صفحة الماء الصافية
تمشط شعرها
وحورياتها الساحرات
يرقصن في الأفق
فتنهض السنابل بحبها الذهبي
بذاكرتها المسكونة بالشموس
" أيها المار من هنا
تَفرّس في عيوني
في حجارتي السوداء
في خطوات الراحلين
بدأتُ الآن أعرفني
بدأت أخرج من رمادي
أصنع من غدي شجراً
ومن سنابلي قمراً
رغم الظلام "


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق