موعد
قصة : علي طه النوباني
كم أصابني الصداع عندما كنت أحاول التركيز فيما يقوله، فقد كان يتحدث بسرعة فائقة ويبتلع نصف الكلام ، كنت أحيانا أريح نفسي من تأمل شفتيه اللتين أتابع حركتهما للمساعدة في فهم ما يقول وأكتفي بتعبيرات تفيد باهتمامي دون أن أعرف شيئا مثل : معقول... آه ... نعم ... هذا بالإضافة إلى حركات الرأس التي تشي بالمتابعة .
وضع رجله اليمنى على رجله اليسرى ثم سحب نفسه على الكنبة بحيث أصبح جالسا على أسفل ظهره، امتص دفعة قوية من السيجارة وعرفت أنه ينوي الحديث عن واحدة من مغامراته.
قبل يومين تعرفت على فتاة جديدة على ( الماسينجر) وكما هي العادة ليس لديها كاميرا: دائما أقع ضحية الكاميرا ! اللعنة، رفع حاجبيه ونفث الدخان من فمه مبتسما وقال : لكن على مين ... أنا محمد ... على مين، عندما سألت عن اسمي، قلت لها عاصم، وقالت أين تسكن فانتقيت مدينة أخرى غير تلك التي ذكرتها لفاتن .
وبشكل مفاجئ انفجر ضاحكا ومد يده لكي يضرب كفه بكفي: اسكت... لقد دخلتْ زوجتي وأنا على الماسينجر فسحبتُ مقبس الكهرباء وقلتُ لها وأنا أمثل دور الغاضب : لقد ضَرب الوندوز.
كنت أبذل مجهودا جبارا لكي أتتبع حركة شفتيه هذه المرة فهو يتحدث بسرعة القطار الكهربائي ويبتلع من كل كلمة نصفها ويؤدي بعض العبارات واقفا وبعضها جالسا، يضع رجله اليمنى على اليسرى تارة واليسرى على اليمنى تارة أخرى .
استدرك قائلا : في اليوم التالي استطعت أن انتزع منها موعدا، ذهبت في سيارتي إلى عمان وطوال الطريق كنت أتحزر، هل هي طويلة أم قصيرة، ترتدي ملابس عادية أم جلبابا شرعيا، هل هي شقراء بعيون خضراء أو زرقاء أم سمراء ذات عيون عسلية أو سوداء ... هل تكشف شعرها أم تغطيه وهل هو أسود أم خروبي أم كستنائي وهل هو مسترسل أم متموج أم مجعد ؟ لكن السؤال الأهم كان: هل تبحث عن زوج أم أنها على استعداد لإقامة علاقة دون زواج.
سحب ظهره عن الكنبة واعتدل في جلسته ورفع حاجبيه مبديا الجدية : وأخيرا وصلتُ إلى عمان وهناك بالقرب من المكان الموعود اتصلتُ بها وعرفت أنها تقف قرب مقهى حاتم وهو نفس المقهى الذي التقيت أمامه بفاتن ذات الشعر الذهبي الجميل والتي انتهى أمرها عندما شرطت علاقتنا بالزواج، هاه ... زواج! ما علينا، قالت أنها تنتظرني بفارغ الصبر، قلت لها: ماذا ترتدين، فقالت: جلباب بني وشال أخضر، وبقيت أحادثها على الهاتف حتى مررت بالقرب منها، رأيتها كان وجهها مجعدا وطويلا، وكان أنفها مدببا أما عيونها فكانت ثقوبا في لوح خشب قديم.
تجاوزت عنها وأنا أحادثها على (الموبايل)، قلت لها : انتظريني فأنا قادم إليك ثم أدرت عجلة القيادة باتجاه طريق العودة إلى جرش .
خفض حاجبا ورفع الآخر ونظر إلي مبديا دهاءه وقدرته على هزم الخصوم بينما اكتفيت بابتسامة صفراء.
تجاوزت عنها وأنا أحادثها على (الموبايل)، قلت لها : انتظريني فأنا قادم إليك ثم أدرت عجلة القيادة باتجاه طريق العودة إلى جرش .
ردحذفاهرب ههههههههههههههه