الخميس، 30 ديسمبر 2010

موعد


موعد

قصة : علي طه النوباني
كم أصابني الصداع عندما كنت أحاول التركيز فيما يقوله، فقد كان يتحدث بسرعة فائقة ويبتلع نصف الكلام ، كنت أحيانا أريح نفسي من تأمل شفتيه اللتين أتابع حركتهما للمساعدة في فهم ما يقول وأكتفي بتعبيرات تفيد باهتمامي دون أن أعرف شيئا مثل : معقول... آه ... نعم ... هذا بالإضافة إلى حركات الرأس التي تشي بالمتابعة .
وضع رجله اليمنى على رجله اليسرى ثم سحب نفسه على الكنبة بحيث أصبح جالسا على أسفل ظهره، امتص دفعة قوية من السيجارة وعرفت أنه ينوي الحديث عن واحدة من مغامراته.
قبل يومين تعرفت على فتاة جديدة على ( الماسينجر) وكما هي العادة ليس لديها كاميرا: دائما أقع ضحية الكاميرا ! اللعنة، رفع حاجبيه ونفث الدخان من فمه مبتسما وقال : لكن على مين ... أنا محمد ... على مين، عندما سألت عن اسمي، قلت لها عاصم، وقالت أين تسكن فانتقيت مدينة أخرى غير تلك التي ذكرتها لفاتن .
وبشكل مفاجئ انفجر ضاحكا ومد يده لكي يضرب كفه بكفي: اسكت... لقد دخلتْ زوجتي وأنا على الماسينجر فسحبتُ مقبس الكهرباء وقلتُ لها وأنا أمثل دور الغاضب : لقد ضَرب الوندوز.
كنت أبذل مجهودا جبارا لكي أتتبع حركة شفتيه هذه المرة فهو يتحدث بسرعة القطار الكهربائي ويبتلع من كل كلمة نصفها ويؤدي بعض العبارات واقفا وبعضها جالسا، يضع رجله اليمنى على اليسرى تارة واليسرى على اليمنى تارة أخرى .
استدرك قائلا : في اليوم التالي استطعت أن انتزع منها موعدا، ذهبت في سيارتي إلى عمان وطوال الطريق كنت أتحزر، هل هي طويلة أم قصيرة، ترتدي ملابس عادية أم جلبابا شرعيا، هل هي شقراء بعيون خضراء أو زرقاء أم سمراء ذات عيون عسلية أو سوداء ... هل تكشف شعرها أم تغطيه وهل هو أسود أم خروبي أم كستنائي وهل هو مسترسل أم متموج أم مجعد ؟ لكن السؤال الأهم كان: هل تبحث عن زوج أم أنها على استعداد لإقامة علاقة دون زواج.
سحب ظهره عن الكنبة واعتدل في جلسته ورفع حاجبيه مبديا الجدية : وأخيرا وصلتُ إلى عمان وهناك بالقرب من المكان الموعود اتصلتُ بها وعرفت أنها تقف قرب مقهى حاتم وهو نفس المقهى الذي التقيت أمامه بفاتن ذات الشعر الذهبي الجميل والتي انتهى أمرها عندما شرطت علاقتنا بالزواج، هاه ... زواج! ما علينا، قالت أنها تنتظرني بفارغ الصبر، قلت لها: ماذا ترتدين، فقالت: جلباب بني وشال أخضر، وبقيت أحادثها على الهاتف حتى مررت بالقرب منها، رأيتها كان وجهها مجعدا وطويلا، وكان أنفها مدببا أما عيونها فكانت ثقوبا في لوح خشب قديم.
تجاوزت عنها وأنا أحادثها على (الموبايل)، قلت لها : انتظريني فأنا قادم إليك ثم أدرت عجلة القيادة باتجاه طريق العودة إلى جرش .
خفض حاجبا ورفع الآخر ونظر إلي مبديا دهاءه وقدرته على هزم الخصوم بينما اكتفيت بابتسامة صفراء.

اقرأ أيضاً على حبيبتنا

أنشودة العرب، شعر: علي طه النوباني  

بنما دولة بعيدة... ومُشوِّقة جدا  

الأزمة الاقتصادية، ومصالح الطبقات  

قراءة في رواية دموع فينيس لعلي طه النوباني  

عَهْدُ فلسطين - عهد التميمي  

كذبة نيسان  

الشوكُ جميلٌ أيضا  

«مدينة الثقافة الأردنية».. مراجعة التجربة لتعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات  

المشنقة  

البيطرة  

قصة نظرة  

عملية صغرى  

سيجارة على الرصيف  

بالشوكة والسكين والقلم  

نهاية التاريخ؟ مقالة فرانسيس فوكوياما  

الدولة العربية الإسلامية / الدولة والدين/ بحث في التاريخ والمفاهيم  

شهامة فارس  

جذورالحَنَق الإسلامي برنارد لويس  

صِدام الجهل : مقالة إدوارد سعيد  

صدام الحضارات؟ صموئيل هنتنغتون 

الفضائيات والشعر  

كأسٌ آخرُ من بيروت 

عمّان في الرواية العربية في الأردن": جهد أكاديمي ثري يثير تساؤلات 

تشكّل الذوات المستلبة  

مشهد القصة بين الريف والمدينة  

وحدة الوجدان والضمير  

«المنجل والمذراة».. استبطان الداخل  

دور المثقف والخطاب العام  

جرش: حديث الجبال والكروم  

في شرفة المعنى 

المثاقفة والمنهج في النقد الأدبي لإبراهيم خليل دعوة للمراجعة وتصحيح المسيرة  

!!صديق صهيوني  

عنترُ ودائرةُ النحس  

فجر المدينة  

مقامة الأعراب في زمن الخراب  

دورة تشرين 

الغرفُ العليا  

الصيف الأصفر  

حب الحياة: جاك لندن 

قصة ساعة كيت تشوبن 

قل نعم، قصة : توبايس وولف 

معزوفة الورد والكستناء  

منظومة القيم في مسلسل "شيخ العرب همام"  

ملامح الرؤية بين الواقعية النقدية والتأمّل  

الرؤية الفكرية في مسلسل «التغريبة الفلسطينية»  

"أساليب الشعريّة المعاصرة" لصلاح فضل - مثاقفة معقولة  

كهرباء في جسد الغابة  

جامعو الدوائر الصفراء  

صَبيَّةٌ من جدارا اسمُها حوران  

 

 

هناك تعليق واحد:

  1. تجاوزت عنها وأنا أحادثها على (الموبايل)، قلت لها : انتظريني فأنا قادم إليك ثم أدرت عجلة القيادة باتجاه طريق العودة إلى جرش .
    اهرب ههههههههههههههه

    ردحذف