الخميس، 30 ديسمبر 2010

الزوبعة


الزوبعة





علي طه النوباني
من وحي غابات جرش وعجلون


العروس التي سكنت هنا
منذ خمسة عشر عاما
ماتت أمس
شيَّعها سربٌ من العصافير الملونة
أطفالُها الصغار
كانوا يربِّتون على قطَّةٍ جائعة
إلى أن عضها التراب
النساء في ليلة الوداع
كنّ يهرقن شيئاً من تفاصيلهنّ
في اللحظةِ العابرة
وكما في الليلة الأولى تماما
عَشِقْتُها حد النزيف
كانت تجلس قرب دالية الندى
 تسرِّح شعرها الطويل
وتناغي زهور الربيع
قبل أن يثور الغبار على المصابيح الصغيرة
***
الأفعى ذات العيون المشتعلة
والقامة الرشيقة
تنتصب فوق صخرة ملساء
مثل زوبعة
وراءها تلالٌ مبللةٌ بالرؤى
والضباب الشفيف
دروبٌ تتعرجُ بين بلوط الجبال الخرف
والأغاني المستديرة
جلدها سجادة فارسية قديمة
رأسها المهيب
يجولُ في براثن الأفق
وينام في مسالك النجوم
***
وإلى متى؟
يعود الفارس الشجاع مخدوعا
تنزُّ من سيفه حكايات الخيبة والألم
إلى متى؟
يشرب من صوته تقلب الفصول
يتجرع بياض فستان العروس
وبياض الكفن
***
حبيبتي
بح صوت الناي
وانفجرت في عروقي غيمة داكنة
لسعةُ بردٍ أشعلتْ شوقي القديم
كان رأسي شوكةً في عالم كبير
كيف أبدِّد رغبتي في العدو بين الدروب الوعرة؟
كيف أمدُّ يدي نحو السماء؟
وأعانق اللزاب وهو يشرق فوق روحي
مثل إله أخضر
كيف أمد عيوني في الأفق
فوق صخرة ملساء
وأنتصب مثل زوبعة؟!
***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق