الخميس، 30 ديسمبر 2010

العادم والكسالى



العادم والكسالى

شعر: علي طه النوباني


( 1 )
العادم ينفث أدخنةً سوداءْ
يزأر في وجه الكسل الناعسْ
يتلهّى بنهارٍ دافئْ
بصفير منتظم ممجوجْ
البنت الشقراءْ
تمشي في شفقٍ أحمرْ
مطليٍّ بشهيق شباب ال " سي دي "
ونهيق الأعضاء المشتعلةْ
يدها تتكوَّر حول " الموبايل " كجناح حمامةْ
تتلمَّظ أعمدة الهاتفْ
ينتصب الشارع
وتموءُ القطط المخنوقةْ
- العادم ينفث أبخرة حمراءْ -
فلماذا لا نعرف هندسة الشكل المحسوب بدقةْ
تكوين الخطوات الحبلى
كيفَ ندوسُ الأطفالَ وقِشر البطيخِ
ونغفو في رَشفة قهوةْ

( 2 )
العادم أغنيةٌ يتجمَّع فيها أوباش الليلْ
ثورٌ يتدحرجُ فوق جليدٍ داكنْ
ورمادٌ يتشكل في مدن الخيبةْ
شُطار يقتبسونَ من الشجر الباكي
ثوباً للعُري الساكن فيهمْ
غَبَشاً يكسر أنياب الضوءْ
ورقاً لقصائد مهزومةْ
زمناً لدروبٍ مأزومةْ
وعيوناً لرؤوسٍ لا وجه لها
فلماذا لا نعرفُ هندسة الشكلِ المحسوب بدقّةْ
زوبَعةٌ تفغَر صمت الزمن النائمْ
توقظ أجنحة النارْ
وتُحملقُ مثل البرقِ على حاميةِ الأسرار

( 3 )
العادم بطلُ في كوميديا الصحراءْ
لحنٌ غناهُ الصمتُ وتقديس الأسماءْ
طفلٌ يرقص في أرجوحةْ
عِنبٌ
يقطر خبلاً وجنوناً
وإطارٌ ذَهَبَيٌّ لمتاريس الموتْ
لِعَجوزٍ يَسْكُنُ أرصفة الوهج الصفراءْ
يتهدَّل في مقشرة الأسئلة الصعبةْ
أوردةً وشرايينْ
وشظايا قصصٍ ملقاةٍ في عبثٍ فاجرْ
ليسَ على الأوباش حرجْ
ليسَ على تجار الكلمات حرجْ
ليسَ على الأصنام حرج
ليسَ على الصحراءِ نخيلٌ
ومرايا
وحسابٌ قبل الموتِ
وميزان نوايا
فلماذا لا نعرف هندسة الشكل المحسوب بدقةْ
جيفٌ تتململُ في مقبرة الأفيونْ
تَمْسحُ بؤسَ الزمن القادمْ
أو تُقعي مثل غرابٍ مجنونْ

( 4 )
العادم يتجلّى في مأدبة العارْ
يصطفُّ على أبسطةٍ حمراءَ كما شَبحٍ أسطوريٍّ
تتبعهُ فذلكة الفيزياءْ
يَتَحَرَّى لُغَةَ النمل ومملكة النحلِ وما قبل العمرِ
وما بعد العمرِ
وسرَّ قوافي الشعراءْ
يُحكى أنَّ مساءً ما أوجعهُ موتُ الشمسِ؛ بكى واستوحشَ،
لكن الغازات تحرَّت أمر الليلِ فأعدمت الغرباءْ
يحكى أنَّ الأشجار انزعجت فكساها العادم أوراقاً سوداءْ
يحكى أنَّ الأنفاسَ احتجبتْ حتى مات الطعمُ وفزنا بدوار
البحرِ وبالصور البلهاءْ
فلماذا لا نعرفُ هندسة الشكل المحسوبِ بدقةْ
وجع مختزنُ في برهة صمتْ
وعناقٌ مشتعل في شرفة دارْ
معركة وغبارْ
وبدايةْ

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق